شريحة (1)
أحياناً ، يبدوا الأمر بأكمله خدعة كبيرة ، انت لا ترى ولكنك تمثل أن الصورة أمامك واضحة وكل ماتسمعه مجرد همهمات ولكنك تهز رأسك تتصنع الفهم ، يخيل لك ان هذه هى الحياة ، ولكن للحظات
عندما تنفرد بنفسك يأتيك هذا الشعور ، هناك خطأ ما ، لايجب ان يسير الأمر على هذا النحو
لحظات قليلة يأتيك فيها هذا الشعور ثم تجرفك الأحداث الأفكار والأصدقاء مرة أخرى
فتعود تترنح فى الدوامة دون اتجاه .
الخوف داخل قلبك يهتز ويهز معه كامل عروقك ولكنك تنكر الخوف ، توهم نفسك ان ما يحدث وهم وانت الوهم نفسه ، وتظل تسحب من عمرك خيطاً وراء خيط والخيوط تتشابك تتعقد وتنقطع .
تبحث عن من يخبرك : أنت جيداً وتبتعد ، قدر ما تستطيع عن كل مخالف لك فيما تفعله ، تتوالى أيامك تبعاً وانت تبحث عن مخرج وانت لا تعلم كيف هو شكل المخرج بل لربما انت كنت – فى يوما ما – على حافة المخرج ولكنك لم تره ، اعطيته ظهرك وتعمقت أكثر و أكثر فى المتاهة .
واصبح كل ما يهُمك ان لا تظل وحيداً كثيراً ، فالوحدة ستجعلك تفكر والتفكير سيذكرك بأنك لازلت تخطىء ومخطأ وانت لا تريد الحقيقة ، ترتشف الوهم باستمتاع وانت تتمنى ، ان لا يفرغ الكوب .
كل ذرة فى جسدك تتناقض مع مثيلتها ، تتعارك وتعترض بل وأحياناً ترفض العمل ، وتختل منظومة جسدك ، تتداعى وانت تبتسم ببلاهة وانت لا تعلم ما الحل .
تختلف الأراء حولك وانت مثلهم لا تستطيع ان تقر أو ترفض فأنت حقيقة لا تعلم من أنت فكيف لهم هم أن يعلمون ، شعورك بأنك مختلف يتلاشى سريعاً وقبل ان تشعر بأنك كباقى البشر وتحاول ان تندس وسطهم تكون مثلهم تشعر بالغرابة .
الواقع والوهم بالنسبة لك واحد فالفيصل بينهم العقل ، وعقلك يمتلك القدرة ليُحيك نسيج الوهم فيصبح واقعاً لك ، الشعور بأنك وعقلك أعداء ودوماً فى صراع ، تارة ينتصر ، يسرق منك أيام بل وفى بعض الأوقات شهوراً لا تعلم ماذا حدث فيها ، وتارة انت تنتصر تسيطر عليه وتبدء فى توجهيه فتفشل وتضطر مرة أخرى ان تتركه …. يسيطر عليك .
تبحث فى أكوام الكتب عن شبيهاً لك عالم كان أو مجنون أو حتى قاتل فلا تجد ، ترى هل أنا فى الحقيقة موجود ، هل انا فرداً محسوب على الوجود ، ام ان الامر برمته تلاعب ، وتظل تفكر تتأمل تبحث عن جواب حتى يكاد عقلك أن يجن وفى النهاية لا يحتمل جسدك النحيل فتتهاوى ، تغلق عينيك وتأمل ، فى غداً أفضل .
……………………………………………………………………………….
شريحة (2)
يابنى احنا اتخلقنا عشان نبقى عبرة لباقى الناس
قالها صديق لى وهو يجرع ما تبقى فى زجاجة البيرة ويطوحها ، تذكرت تلك المقولة وانا فى عزاءه .
كم كانت هذه الجملة صادقة يا صديق ها أنت راحل من الدنيا فى سن الشباب ودون جثة تدفن وحقاً اصبحت عبرة يتعظ منها الأخرون ، موتك مأساوى مثل كثير أخرين موتهم مأساوى ، ليله عيد وسيارة مسرعة بها أنت وفتاتين تبحث عن أثارة ما فى طريق الأسكندرية ، لابد أنك شربت ما يكفى من البيرة والحشيش قبل ان تنطلق فى الطريق ولا بد أيضاً من أنك لم تنم جيداً وكل هذا طبيعى فأنت دوماً على هذه الحالة فما الجديد ، هل هو القدر ، الأن انت ميت جثة محترقة لم يتبقى منها الكثير وباقى أصدقائك هنا فى عزائك أغلبهم مثلك فهل يتعظون ، خرجت امام العزاء اشعل سيجارة و استمعت الى ثرثرة اصدقاء والدك وهم يخرجون
البعض يتحسر على شبابك الضائع والبعض الأخر يدعو لك بالرحمة ، والقليل الذى لم يطيقوا صبراً على الذهاب بعيداً يتكلمون عن انه المصير الطبيعى لكل من أتخذ هذه الطريقة حياة .
سينتهى العزاء وسيظل الشباب يتحدثون عنك فترة منهم من يتذكرك بالخير ومنهم من سيتذكرك كلما كان هناك انطلاقة مثل انطلاقتك
مبلاش يا شباب انتوا نسيتوا ….. الله يرحموه كان برضه بيرة وحشيش ونسوان وشوف ربنا مبينساش
السؤال هنا يا صديقى هل لنا ثواب على هذه الموعظة ، هل سيغفر لنا كوننا كنا عبرة لأخرين ، ادعوا الله ان تكون مرتحاً أياً كان مكانك فأنا أعلم جيداً ، انه سيكون مكانى أنا الأخر …..
…………………………………………………………………………..
شريحة (3)
نجن نعلم جيداً ان ما يحدث خاطىء ولكننا نتجاهل الأمر ، منا من لا يتحدث مطلقاً ولا يعيره أهتمام ومنا من يبحث عن مخدر أو كأس يذهب عقله ويظل يتحدث فى تفاهات ، الكل يعلم انه خطأ ولكنها أصبحت هواية ان نعلم ونوهم انفسنا بأننا لا نعلم .
وعندما يحتل الموت السطور الأولى من الجرائد يعلو الصياح و الأعتراض بالرغم من أننا نحن من دعا الموت فى البداية للمجىء .
فالصمت وقت الكلام جبن والكلام وقت الصمت غباء
وبين جبنك وغبائك يولد الظلم ويظل يرسل نداء وراء نداء للموت
والموت لا يمل من وظيفته أبداً .
الحقيقة أنك انت المذنب من البداية وان كان يجب شنق أحد على ما حدث فلتعلق حبل فى سقف غرفتك وابداء بنفسك ، الموضوع مأساوى دوما كونك تخاف ان تكون أنت الضحية التالية وغبائك يهيىء لك ان كونك تتنفس دليلاً على انك حى .
والحياة ……..
صدقنى انت بعيداً كل البعد عنها ، ما يحدث أنك تتحول تتدريجاً الى زومبى
تقتات على الفضلات وتظل كل يوم تنتظر تلك اللحظة التى تضع فيها رأسك على وسادة لتحلم بشىء افضل مما انت فيه ، وكلما ازددات أحلامك ازداد انفصالك عن الواقع واصبحت مهمشاً لا دور لك فى ما يحدث ، تقبل ما يوجد وترضى بان تظل عبدا لعبيدا يعبدون عبيداً أخرين للمادة ، توهمك عقلانيتك المتخلفة بأن ما تفعله هو أنسب الحلول ، أن تظل معزول لا تشارك فيما يحدث كلا تتأذى برغم أن بفعلك هذا يتأذى غيرك فى محاولتهم لأسترداد حقك وحقهم المسلوب ، العقل وحده لن يفيدك ، ان قتلت مشاعرك فستصبح ألة بلا روح وان اعتمدت على مشاعرك دون عقلك ستصبح أداة لأفراد أخرين .
ان تتشارك كل شىء مع كل فرد حولك هو الحياة بحق ، ان تتشارك الحزن ، الموت ، فتات الخبز ، وان تصبح موجوداً للأخرين فيصبحون موجودين لأجلك
المعاناة لا يمكنك أن توقفها و لكن ان تشاركتها مع أخرين خف حلمها من على كاهلك ، فى المشاركة مساواة وكوننا متساوين يقوى رابطة أننا بشر .
الأمر لا يحتاج لذكاء فالأمر غريزى بحت ولكنك أنت من تتعالى على كونك حيوان ولكن بعقل ، عقلك قد يكون خطراً عليك ان شعرت يوماً أنك افضل ، من أى شىء أخر موجود على وجه الأرض .
كونك فرد ، حى ، عاقل يحملك المسئولية عن كل ما يحدث من حولك ، وكونك تجعل نفسك جاهلاً بما يحدث يجعلك مذنب اكثر ممن أرتكب الجرم ، فمن ارتكب الجرم مسئولاً منك كما انت مسئولاً منه وربما ان كان هناك من يقف له لكان شخص أخر .
صدقنى الظروف قد تحيل موظف تأمينات الى قاتل متسلسل ، وقد تحيل منحرف الى شيخ .
والظروف يصنعها مجموعة من البشر ، كن أنت من يصنع الظروف ولا تسمح فى يوماً للظروف أن تحول بشر للأسوء .
كان خطأ افلاطون الوحيد فى محاولته لأنشاء مدينة فاضلة هو محاولته لأنشائها على أرض الواقع ، والواقع ان مكان يوتوبيا الحقيقى هو قلوب البشر .