السور الذى لم يكتمل بناءه قط

لم يكتمل بناء هذا السور قط ، هذا ما سيخبرك به كافة أهل القرية و ربما تكن هي تلك النقطة الوحيدة التي أتفق عليها الجميع و هم يسردون لك قصة هذا السور.

الحقيقة ان للسور قصة فقط بسبب مكانه فقد كان يشق القرية إلى نصفين، بالطبع هو يبدو الأن حطام فقط لم يبقى منه سوى بضعة امتار متفرقة و بارتفاعات تكاد لا تذكر، كما لو كانت تشكل حدً فاصل بين جزئيين من القرية مما يجعل كل زائر او غريب مثلك امام ظاهرةً عجيبة تستحق التعجب و البحث و السؤال.

-من بنى هذا السور

-هذا السور لم يكتمل بناءه قط

يتفق كل من يجيبك على ان السور لم يكتمل بناءه قط، تبدو الإجابة دفاعاً عن اتهام أكثر من كونها إجابة، كما لو كان الأمر به قصة تستحق السماع.

سيخبرك البعض بأن الأمر بدء بصراع بين عائلتين

-لما حدث الصراع؟

لا أحد يعلم على وجه الحقيقة، لكن الكل يملك تكهنات يخبرونك بها كما لو كانت حقيقة، اخبرك الحلاق العجوز ان احمقاً ما قتل أحمق صديق له في راهنا على قتال ديكة !!

و تعقد الوضع بين عائلتين هم الأكبر في القرية فنشب صراع و انقسمت القرية لفريقين لتصب قصته في النهاية أن السور هو أكبر مثال للتحيز ، أن السور الذى “لم يكمل أحد بناءه” الشاهد الحى على ما قد يفعل التعصب بالإنسان .

لكن قصته لن تقنعك سيطرح الشك داخلك أسئلة لن تجد لديه إجابة عنها، ستسأل حتماً شخص أخر .. هل سيكون تلك السيدة العجوز؟

ستخبرك بالشيطان الذى اتى و عقد صفقات الموت مع الأغبياء ، ذلك الغريب الذى اتى للقرية و عرض على أهلها بضاعته من الحيوانات ، أشياء اشبه بالكلاب و لكن أضخم ، هي لا تعلم ما هو “الضبع” لكن وصفها يؤكد انا ما باعه هذا الغريب كانت ضباع ، هي لا تعلم أيضاً لما أشترى من أشترى و ما كان الغرض من شراء تلك الحيوانات المتوحشة ، ستكمل لك ما حدث من موت البعض بعد افتراسهم من تلك الحيوانات التي بدون سبب واضح أصبحت تفترس اشخاصاً و تترك أشخاص ، فكان بناء السور هو الحل الأمثل لعزل الجزء الذى أصبحت الضباع تستوطنه بعد ان فشلت كل محاولات القرية في الدفاع عن أبنائها ، لكن السور لم يكتمل لأن الضباع رحلت عن القرية.

-كيف رحلوا؟

ستمط شفتيها و تحرك زراعيها في الهواء كما لو كانت لا تعلم، خيبات الأمل تعلو وجهك الأن ..

هل اخبرك ذلك الراجل عن قصة المرأة اللعوب التي خانت زوجها مع نصف أهل القرية؟

هنالك ايضاً قصة أخرى عن المرض الذي أصاب بعض اهل القرية فقرروا عزلهم وبناء سور.

ستحاول ربط القصص ببعضها فلن تنجح، ستحاول مقارنتها بحثاً عن قصة حقيقة ولن تجد، ستظل طوال الليل تفكر في سر السور وقبل ظهور اول ضوء للشمس ستغط في نوماً عميق، عندما تستيقظ ستجد نفسك مقيداً ، محمولاً على اكتاف و حولك زحام، قرص الشمس في كبد السماء يلسع جبهتك، تحاول الحديث لكنك مكمم ثم سيقذفون بك في حفرة على نفس خط السور ويهيلون عليك التراب.

ستكتشف وانتا تدفن حياً ان السور الذي لم يكتمل بناءه قط ليس سوراً على الأطلاق …

لا تعشقي كاتباً… ومعضلات أخرى

نينار

...

*

طوني صغبيني

*

من النصوص التي راجت مؤخراً على الانترنت تلك التي تنصح القراء بتجنب عشق صنف معيّن من الأشخاص، كتلك التي تقول “لا تعشقي يسارياً” أو “لا تعشقي مسافراً” وما شابه. ورغم أن لائحة الأشخاص الذين لا يجب أن نعشقهم – بحسب الانترنت – طويلة جداً وغير صحيحة في معظم الأحيان، لكن لعلّ أقربها للصحّة هو الجزء الذي ينصح بتجنّب عشق كاتب، وخصوصاً كاتب مغمور في القرن الواحد والعشرين.

أن تعشقي كاتباً يعني أنك ستكونين إلى جانب شخص يعيش صراعاً كل يوم لأن الكتابة الحقيقية في زمننا الحالي هي صراع يومي، صراع مع الذات ومع ألف تنين يحيط بنا في كلّ مكان، ونتيجتها الحقيقية على المدى البعيد هي إما الجنون، أو الاستسلام، وكلاهما نهاية مأساوية لا يستحقها أحد.

قلنا “الكتابة الحقيقية” ولم نقل الكتابة فقط، لا لأننا نريد تصنيف أحد، لكن لأنه من السهل جداً في هذه الأيام على أي شخص أن يعرّف عن نفسه بأنه كاتب من خلال…

View original post 2٬053 كلمة أخرى

أن

يحين الوقت فلا يبتسم الوداع لمن ذاعو الرحيل….علي الملاء

انا راحل دون ان ادرى

دون ان ابعث من رماد او أقتت

علي ما بقي

ان تحتوي

او اضعف الإيمان…

ان تنتوي

ان تشقي قدر ما تحتاج

أن تكتفي من الزاد

ان تصبح اللامبالاة رفيق درب

ان تصبح فردا دون فرض

دون تفاعل الصد و الرد

عشق

أعتصر الكثير قلوبهم حتى سالت الدماء لتصنع تلك البحيرة ، بحيرة (عشق) ، الفتاة التى أتى لها من كل حدب وصواب مريدين ، الكل يريد ان تكون له ، أذابت عقول البشر فظلو يعتصرون قلوبهم بشدة فتنساب الدماء منها ممزوجة بأرواحهم لتستحم (عشق ) ، يقع الكثير فلا تهتم فهى تعلم أن المزيد سينضم ، المزيد سيأتى والمزيد سينزف ، تزداد الدماء وتتسع البحيرة يوماُ بعد يوم فتزداد (عشق) سعادة ، ومازل المزيد يأتى و الدماء تنزف والبحيرة تتسع وتزداد عمقاً (عشق) تقف على أطراف أصابعها خائفة ، ولأول مرة لا تطلب المزيد .

– توقفو

قالتها(عشق) صارخة ، تحاول أن تلتمس بقدميها أرض البحيرة ولكن منسوب الدماء أصبح مرتفع ، اصبح أعلى من قمة رأسها ، تحاول السباحة فلا تعرف ، تصرخ وتصرخ قبل أن يخفت صوت (عشق) ، أبتلعت البحيرة (عشق) ، يطفو جسدها البض على سطح الدماء فى البحيرة فى أشكال دائرية ويظل عاصرى القلوب ينزفون من أجل عشق ، عشق ماتت ولكن لا أحد مدرك ، أصبح لعاصرى القلوب مهمة واحدة فقط …. النزف ، لأقصى حد ، لأخر قطرة دماء وأخر قطرة روح ، ومازلت جثة (عشق) تطفو على و جه البحيرة  ولا زلت القلوب تنزف لأجل (عشق) …. الجسد .

مطــر

على بعُد أقدام وقفت طفلة صغيرة تنظر بعيونها الزرقاء إلى السماء ، إلى نجم بعيد ، بعيد عنها بملايين السنوات .

وقفت تنظر إلى نجم يقف وحيداٌ  بعيداً عن باقى النجوم ، يلمع بذاته وينصهر بداخل نفسه .

رفعت يديها إلى موضع عينيها كما لو كانت تحتضن ذلك النجم ، لمع النجم فإنعكس ضؤء على أنف الصغيرة وجزء من أسنانها كشف فى براءة وهى تبتسم .

دار النجم حول نفسه وإعتصر ذكرياته مرة أخرى ليزيد من لمعانه ، تذكر عدد من رافق من محبين ، عدد من شاهد من ثنائى تشابكت ايديهم وهم ينظرون إليه ، تذكر عدد الحالمين الذين استلقوا يتأملون ضؤه فى روحانية ، عدد من بكو و أشتكوا اليه ، تذكر كل ذلك وهو يعتصر نفسه و يدور حول مركزه ليلمع أكثر فتبتسم الطفلة الصغيرة طالبه المزيد.

ومرت ساعات والفتاة تجمدت من برد الشتاء القارس كما لو كانت تمثال من الشمع ولكن النجم لم يدرك ذلك ، أعتقد أن الفتاة تطلب المزيد من الضوء واللمعان فظل يعتصر نفسه أكثر و أكثر حتى … تفتت وإنتهى دون أن يلاحظه أحد وبعد قليل أتت أم ملتاعة تبحث عن أبنتها الصغيرة التى تاهت منها ، فوجدت الطفلة ولكن جسداً فقط ، كانت روح الطفلة ذهبت إلى اعلى لتكون مع النجم المضىء ولكنها لم تجدها فقد تفتت فبدئت فى البكاء ودموعها تهطل على الأرض ، دموعها أذابت الثلوج من على الأشجار والبيوت فأصبح كل شىء لامعاً براق ، وعادت الأم بجسد طفلتها وظلت روحها فى السماء تبحث بين النجوم عن رفيقها النجم ، وفى كل مرة يصيبها الأحساس بأنها لن تجده تبدء فى البكاء فتمطر دموعها على الأرض فتغسل الطرق والبيوت والنفوس .

ديالوج

– الى ما توصلت

– حقيقة …. لا أعرف

– اذن انت لم تخض التجربة

– ماذا تعنى

– انت تتعايش ، تراقب وتلتمس الحدث ولكن من بعيد ، تبقى هناك خلف المنطقة الرمادية ، كونك داخل التجربة لا يؤكد خوضك لها ، لو خضت التجربة عن حق لأختلف الأمر .

– كيف

– كنت ، فى خضم الامور سيأتيك اليقين .

– اليقين مما

– مما تريد يا فتى ، مما تريد

– …………………

– أنصت ، الواقع مازل سارى والحلم مجرد عارض ، محطة لأسترداد الأنفاس وليس للتوقف ، تفاعل …. اكتسب الكترون أو أفقد الكترون فى كل علاقة ، تذوق لتعلم الفرق بين وبين ، و الأهم …. قلبك يا فتى

– ما به قلبى

– أستخدمه ، قبل أن تموت .

– واين العدل فى استخدامه وسط صراع الأن .

– ان تكتسب

– اكتسب ماذا

– اليقين

– الامر تشابك فى رأسى ، لم أعد افهم ما تقول

– لهذا اخبرك بأن تستخدمه .

– فيما سيضيف القلب للمعادلة سوى الألم

– الشعور ….. المعرفة ، اليقين

– فيما كل هذا الألغاز يا حكيم

– الشعور ، المعرفة …. فاليقين

– يا حكيم لا ترحل ، عصى عليه الفهم

– الشعور يا فتى ( الصوت يتردد من بعيد ) ، الشعور .

الرحيل

أزف إليك الرحيل ، رحيل قناعة من لا يعرف المستحيل .

طيلة الوقت كنا نعارض التيار ، نسبح عكسه ، اليوم أتوقف ، اليوم أسبح مع التيار ، معهم نحو المحتوم .

لم يعد هناك جدوى فى المحاولة والأصرار ، لم يعد فى الروح أصرار استهلكه فى محاولة أخرى .

اصبحت المحاولة ألم ، والأستسلام الأن أصبح مخلوطاً بطعم الراحة .

كان لى صديق يشاركنى الحديث ، يشاركنى لفافة التبغ وألم الكفاح لفرض فكرة ، أنهى فنجان قهوته فى يوم ومزق شريان يده ، أشعل لفافة تبغ وشخص فى سقف الغرفة وترك ساعده تنساب منه الدماء حتى أختفى دوى الطبول فى رأسه .

الأن أعلم شعوره .

بائع البطيخ

تعدى الوقت منتصف الليل

سيارة نصف نقل وحيدة تقف فى باحة أنتظار بجانب جامع أنواره مطفئة عدا نور المئذنة الأخضر الخافت وفى صندوقها تتربع كرات البطيخ الأخضر مكدسة فى جانب واحد كما لو كانت هرم صغير

يجلس على الرصيف المقابل لها رجل بجلباب أزرق متسخ على رأسه تلفيحة ما .

تعيس الحظ ، هيئته تشى بأنه غريب عن هذه المدينة ، ربما من أحدى القرى المتناثرة هنا أو هناك ، ربما أتى أملاً فى مكسب جيد من بيع بطيخاته لأهل المدينة بسعر أفضل مما يبيعه فى قريته ، من هيئة السيارة المكتنزة بالطيخ أكاد أجزم أنه لم يبع واحدة ، قد يكون سبب فشله أى شىء ، قد يكون الموقع السىء الذى قرر البيع فيه ، أو لربما أرتفاع السعر الذى يبيع بها أو حتى قدومه متأخراً بعدما أصبح الجميع فى بيوتهم أنا حقاً لا أعلم ويبدو أنه كذلك مثلى لا يعلم ، لو كان يعلم لما ظل هنا .

الأن هو فى هذه اللحظة وهذه اللحظة فقط ، ما العمل الأن ، هل ينتظر الى الصباح ، حسبما أظن هى ليست بمشكلة بالنسبة له ، ولكن يبدو أنه لم يقرر بعد ، جلوسه بجانب العربة بهذه الشكل يعطيك شحنة سلبية لمجرد النظر اليه ، كما لو كان أستسلم ، لكل شىء .

ترك نفسه قليلاً للأحباط ، الأحباط بالنسبة له راحة ، قليل من الوقت يستعيد فيه أنفاسه قبل ان يواصل الأصرار على البقاء حياً ، ولو ليوم أخر .

الحقيقة أنه أثار فضولى لدرجة أنى توقفت عن المسير ، أخرجت لفافة تبغ أنا الأخر وأستدرت عائداً إليه بحجة أنى لا أملك علبة ثقاب .

كنت أنوى أستدراجه فى الحديث ، بينما أنا أستدير وأعود إليه كنت متحمساً لما سأفعله ولكن كل خطوة فى أتجاهه كان الحماس يقل يذوب وينذوى ، وعندما وصلت أليه كان حماسى أصبح مكانه شعور بالذنب كما لو كنت أنا السبب فى ما هو فيه الأن .

عندما أصبحت أمامه لم أقوى على الحديث معه ، أشرت له بيدى الممسكة بلفافة التبغ فأستوعب الموقف سريعاً ومد يده لى بالسيجارة المشتعلة ، أشعلت لفافة تبغى و أستدرت مكملاً سيرى فى هدوء .

ولم أعلم ، هل أنتظر للصباح فى ذلك اليوم ، أم عاد الى بلدته دون مكسب من تلك المغامرة .

رقم واحد

رقم واحد مكنش طول عمره رقم واحد

رقم واحد ، كان رقم أتنين أو تلاتة

تقريباً

لكن رقم واحد كان نفسه ديماً يكون رقم واحد

وبرغم أن رقم خمسة وستة كان نفسهم برضه

يبقو رقم واحد

إلا أن رقم واحد هو اللى بقى رقم واحد

لأن أساسا رقم خمسة وستة مكنوش بيبذلو مجهود

مفكروش حتى يبقو رقم تلاتة أو أربعة

كانو بيحلمو بس يبقو رقم واحد

وعلى الرغم أن رقم واحد

قبل ما يكون رقم واحد

كان رقم أتنين أو تلاتة

وقبل ما يكون رقم أتنين أو تلاتة

كان رقم خمسة أو ستة

إلا ان خمسة وستة مش زى رقم واحد

رقم واحد كان عايز يبقى رقم واحد

بينما رقم خمسة وستة كان بيحلموا بس

فى النهاية …

على الرغم ان واحد فى النهاية كان ستة

إلا ان الأرقام كلها …

مينفعش تبقى رقم واحد .

يقال …

يقال ….

فى بداية العهد ، كان هناك عهد ، أتفاق بيننا وبينهم ، لا تعبر حدودى فلا أعبر حدودك ، بتلك البساطة …

يقال …

ان الأتفاق كان عادل ، وان الجميع كانوا متفقين أن الأتفاق عادل .

كما يقال أيضاً ، أنه قبل بداية العهد ، لم تكُن هناك حدود ، لم يكُن هناك شعوب .

كنا بشر ….

بتلك البساطة

ولا أحد يذكر ما حدث ليصبح هناك عهد ، الكل يذكر ما بعد العهد جيداً

أنت اسود

أنت أبيض

هذه أرضى ، بل هى أرضى أنا

أذن فهى الحرب ….

بتلك البساطة

يقال ….

مشهد عبثى

تزامن واقع الأقدام معاً ، طرقة تلو الطرقة على الأرضية الحجرية ، النظام يفرض نفسه فى واقع العبثيين ، تقدم أحدهم وألتقط حجراً ، طوح يده به عالياً بطول زراع ، تهشمت الوجهة الزجاجية للمحل المقابل ، صوت أعيرة نارية وقنابل الدخان تتلوى على الأسفلت مصدرة فحيح ، أخر يشعل خرقة مشبعة بالكحول متدلية من فوهة الزجاجة الخضراء الباهتة ، صوت أنفجارات ، يبدو أنها الحرب.
على أحد أسطح الأبنية المطلة على الميدان الفسيح جلس فتى بجانب حامل الكاميرا وهو يشعل لفافة تبغ محشوة يتابع الموقف بهدوء وبين الحين والأخر يتأكد من أن الكاميرا لا تزال تعمل وان البث لا يزال جارى .
فى الدور الأسفل هناك فوهة بندقية مختبة بين شيش النافذة رابض خلفها رجل بدون ملامح ، لحظات يراقب ولحظات يحدد هدف ، يصيب الهدف ويتحرك حاملاً بندقيته لموقع قنص أخر.
خلف الحدث بثلاثة شوارع تجلس أمرأة امام شاشة التلفاز تشاهد ما يحدث قليلاً قبل ان تقلب فى القنوات وتتوقف أمام مسلسل تركى وتسترخى فى جلستها .
عدد من اتوبيسات نقل الركاب تتوقف فى احد مداخل الميدان ، يترجل منها عدد من الرجال ، يندسون فى الصفوف ، الأعداد تتزايد ، والقتلى يتزايدون ، الدخان يصل لعنان السماء والأرض مملوءة بالحجارة وفوارغ الطلقات ، لابد أنها الحرب .
الظلام يحل ، الجميع يتراجع ، هدنة ضمنية دون أتفاق ، الجنود يتصببون عرقاً تحت الخوذات و الدروع ، الأخرون يبحثون عن زجاجات فارغة ويحصون عدد السقوط ، يبدو انهم سيحتاجون لدعم ما .
مجموعة من الخيم واعداد من المصابين ، على الرصيف تجلس فتاة وفتى ، الفتاة تبكى وتتوسل للفتى ، الفتى لايزال مصمماً ، مجموعة من الشباب تتحرك أمامهم أحدهم يشير للفتى فيترك الفتاة وهى تتمسك به فى محاولة لثنيه ولكنه يتملص منه للحاق بهم .
تمر ساعتان ، الفتاة تنوح بجانب جثة فتى .
الصباح الفتاة فى الصفوف الأولى ، لازال الرجل فى مكان ما يقوم بهواية صيد البشر ، لازال الفتى أعلى البناية يقوم بأشعال لفافة محشوة أخرى ويتأكد من جودة الصورة المبثة ، المرأة لا تزال تتابع حلقة أخرى من المسلسل التركى ، هناك من يقول ، هناك من يخمن ، هناك من واثق ، انا معهم ، انا ضدهم ، ربما أخطأت هى ليست حرب .
أنها مذبحة ، لم يتبقى سوى ان يسلخ المنتصر فروة رأس المهزوم ليصبح الجو أمريكياً خالصاً .
اليوم الرابع شخصاً فى زى ميرى مكمم مقيداً ، مجموعة من الملثمين يكيلون له الضرب ، صورة تسقط من جيب الشخص ، صورة بها طفلة صغيرة ، يبدو أنه أباً جديداً ، شخصاً ما يسقط و ينزف على الأسفلت صرخة أمراة تحمل فى يدها طفل صغير وهى تتحدث فى الهاتف ، يبدو انها علمت انها أصبحت رجل البيت الأن ، الشخص الميرى المقيد أصبح جثة هامدة هو الأخر ، العالم يتقدم يوماً بعد يوم .
غرفة أنيقة مكيفة ، مائدة مستديرة يجلس عليها أشخاص فى بدل أنيقة ، يتناقشون ، بعضهم يهدد الأخر ، ترى هل الحل فى يد هؤلاء ……………

واقع


كان الفتى الصغير المتسخ يجلس على الرصيف بحانب محل (العبد) يحك قدميه العاريتين ببعضهما فى محاولة عبثية لأزالة الاوساخ منهما عندما توقفت السيارة السوداء امامه وترجل منها السائق ليدخل المحل مسرعاً ، تحرك الفتى بجسده مبتعداً قليلاً عن السيارة ولم تمض لحظات وعاد وهو يحمل كوباً من الأيس كريم وينقر على زجاج السيارة الأسود الذى تحرك قليلاً فأعطى السائق كوب الأيس كريم لمن بالداخل 
– ادخل يا عوض هات دستين جاتوه و 3 كيلو حلويات شرقية كمان 
– حاضر يا هانم 
تحرك السائق مرة أخرى للداخل بينما كان الفتى يسترق السمع للأصوات داخل السيارة 
– انا عايزه فرولة يا ماما مليش دعوة 
كان صوت فتى صغير يتحدث بحنق يبدو أن كوب الأيس كريم لم يلقى أعجابة فى النهاية ، تحسس الفتى بيده معدته الخاوية وتذكر انه لم يأكل منذ الصباح ، مازل صوت الفتى يعلو رافضاً الأيس كريم بينما أمه تحاول ان ترضيه ولم تمضى لحظات و وجد الفتى الجالس على رصيف المحل كوب الأيس كريم جالساً بجانبه ، صوت الأم ينهر الفتى الأرعن الذى قذف بكوب الأيس كريم ثم بكاء الطفل ، تسلل الفتى الصغير المتسخ وامسك بكوب الأيس كريم المتسخ وبدء فى ألتهامه فى سعادة بالغة ، لم ينتهى الفتى من نصف الكوب وكان السائق عائداً ومعه ما طلبته الهانم أنزلت الهانم الزجاج للنهاية وهى تأخذ الأكياس وتتأكد من شراء السائق لكل شىء بينما تقول له : روح هات أيس كريم تانى لكريم 
– حاضر يا هانم 
– بس هاته فرولة المرة دى و …..
قطعت حديثها فجأة عندما رأت الفتى الصغير المتسخ وهو يأكل بنهم كوب الأيس كريم ثم أستدركت الحديث : حرك العربية الأول بعيد عن الواد ده ريحته وصله لجوه العربية 
– نظر السائق للفتى فى شفقة قبل انا يوقل للهانم وهى ترفع زجاج السيارة من جديد : أؤامرك يا هانم 
تحرك السائق فى أتجاه الفتى الذى تحفز عندما رأى نظرة السائق النارية له 
: قوم يلا من هنا قوم أنهى السائق جملته بغضب فتحرك الفتى قليلاً وعندما قارب على الابتعادى عن المكان وجد السائق يهمس له بصوت خفيض وفى يده ورقة نقدية : خد أشتريلك حاجة تاكلها ثم تركه ورحل وهو يهمهم بالكلام لم يتبين منه سوى جملة : ربنا كبير يا بنى ربنا كبير

أحياناً …

أحياناً أشعر بأننى خاوى

مبعثراً

لا أعلم من أين أبدء

ولا الى أين سأنتهى

أرتشف الصمت بتمهل

أحياناً ، وأحياناً تصبح أكوابى

مملؤة كلام

أحياناً …. أستيقظ بالأيام

و أحياناً أخرى

 تبدو بضعة ساعات

كالأعوام

أحياناً لا أدرى

هل أنا بشرى حقاً

أم انا وهم

 متكرر

 مسترسل

هل حقاً ما أقوله عقلاً

أم خبلاً وجنان

ليتنى أعلم ما المعضلة

مع نفسى ،

مع ما حولى من أشياء

ليتنى أعلم كيف أعود طبيعياً

أن أتقبل فكرة أنى فى يوما

سأكون ترباً

 تبعثره رياح

أن أبتسم ملء الشدقين

أن أبحث مثل رفاقى

عن ردفين

 سمينين

أو كوب يسكر

أو حتى سيجارة

محشوة بألالغام

أحياناً أتمنى لو لم أكن غريباً

أن أنسجم وسط قطيع الخرفان

أن أصبح عبداً منقاداً

لا يشغل تفكيرى ما يحدث

بين المطرقة والسندان

أخرج لعملى باكراً

ان ابحث عن زوجة

ان انجب

أن اصبح كهلاً مبتسماً

يسعل يبصق

يلعب نرداً

فى مقهى بعد ثلاثين

من الأعوام

حكاية ثورة

فى البداية كانت مجموعة شباب

كل يوم فى مسلسلات

زهقوا

 نزلو الشوارع يسألو

مين المستفاد ؟

ملقوش  جواب

صوتهم على

 حصل الغباء

دخان عصيان واحتجاز

صوتهم على اكتر الضرب زاد أكتر

خرطوش رصاص

أقتل

كلاب

فجأة

حد مات

عدى يوم عدى تانى

والعدد عمال يزيد

ميات بقوا ألافات

بقو ملايين

فيضان بشر

حركه دم الألوف

و

وقولنا اشطة

بكره جى سكة

بكره ميلاد جديد

بس السيناريو هو هو

يمكن يكون الفرق بينهم الوحيد

ان اللى قبله

كان عارف انه غلط

كان خوفه من غلطه مانع جرائته

اما الجديد

مؤمن

يغلط ؟؟

ده شىء بعيد

رغبه

كنت قد بدأت أتأكد ان ما بيننا قد أنتهى ، فلماذا تعودين ؟؟

لما تلك النظرات وتلك الطريقه الناعمه فى السلام ؟؟

لا أحسبه الحنين الى فما كان بيننا  عزيزتى سوى الشهوه.

الشهوه التى تشعرك بأنك لازلت مرغوبه ، ومازل هناك من يحتاجك .

شهوه أفهمك من قبلى انها الحب ، وبتعدد عشاقك وكثرت من زار فراشك ، اصبح الوضع لكى مربكاً ، ولكنك لاتعلمين سواها لتقدميه .

شهوه …… حاولتى لايام ان توقديها داخلى ، ولكن لم توفقى فى ذلك ، فعزوفى عن جسدك كان واضحاً من البدايه لكنك لم تلاحظيه .

فى كل مره يأخذنا الحديث أشعر بكى شبقه ، اشم رائحه الجنس فى انفاسك ، ارى فى عينيك المجون .

وفى كل مره تستلمين لواقع اننا لن يجمعنا فراشا واحد ، وتبتعدين ليحظى غيرى بلحظاتك وانفاسك … وجسدك .

ثم لا تنفكين تعودين ، وتحاولين ، تاره بعد اخرى ، حتى اشعر ان تلك المره لن تستلمين .

اعلم انى اول من تشتهيه ويرفضك ، فلم يحدث من قبل ان رفض أحداً هذا الجسد الفائر البض .

اعترف بأنى جذبت لكى فى بادء الأمر ولكنه لم يكن أنجذاب لجسد ، كان انجذابى نحو قصة  .

أردت أن أسمعك ، ارى تفاصيل وجهك وملامحك وانتى تتحدثين ، كيف بدء الأمر معكى ، هل كنتى سلعه فى البدايه ، ام كان هناك محب فى الحكايه ، هل كان زوج امك ، ام كانت امك ، ام انك ولدتى للمتعه فقط .

وبين محاولتى لجرك للحديث ، ومحاولاتك لجرى للفراش ، يصيبنا الانهاك ولا نصل لحل .

اعرف انى ان دخلت فراشك ، ستتحدثين وتخبرينى بكل ما أريد ، ولكنى سأكون حينها قد خسرت نفسى .

سيعلن فوزك على الملاء وخسارتى ، سأصبح مجرد صورة اخرى تضاف لحياتك .

 لما لا تفهمين ………عزيزتى اريد مضاجعه عقلك …….. وليس جسدك .

 لذتى ليست فى اقتحام جسدك ، جسدك غزاه كثيرون قبلى ، وانما ارغب ى فى اقتحام روحك الموصدة ،  اكاد أجزم انها لم يصل اليها بشرى من قبل .

دعينى اخرج قاذورتك واشباه البشر عشاقك ، دعينى اخرج صفه الحيوان بداخلك ، وانظف نفسك من كل نجاسه افرغت فيكى .

لربما  تعودى انسانه مرة أخرى وتجدى شخصا اخر يصلح لتكونى معه ويكون معك جسداً و روحاً .

زحمة

ف وسط ناس زحمه بشر

تايه انا بالمختصر

تفصيلى تايه جوه نفسه

تايه ومش لاقى أثر

وغمامه سوده حجبه النظر

من جوه فايق

لكن ف نفس الوقت غافل

تركيزى ضايع على نقطه سوده

بحلم تكون هى القدر

سامع وبتكلم لكنى ساكت

حاسس وبتألم لكنى ثابت

برغم انى شاكك ف يوم

راح انتصر

موقف

كانت موجودة وكان هو أيضاً موجود .

كانت تقف بأنتظاره ، وكان قد مل الأنتظار ولكن قلبه لم يقوى على الرحيل ، كان الزحام شديد ، وكان البشر يتدافعون بينه وبينها .

لم تُكن تراه وهو لم يراها ، كانت قد بدأت تشعر بالخوف وتشُك فى عدم مجيئه وكان هو يتمنى أن تكون فى الطريق اليه .

كانت بداخلها تتخيل الكثير من الأسباب التى من الممكن أن تكون أعاقته عن المجىء ، وكان هو يتمنى لو كان يملك رقم هاتفها ليتصل بها ويعرف سبب تأخرها .

يمر الوقت وهو منتظر ، يمر الوقت وهى تنتظر ، يمر الوقت والزحام يشتد ويشتد ، طوفان البشر يتزايد .

وبرغم طول الأنتظار ظلت واقفة وظل هو الأخر واقفاً ، كانت تشعر بقربه منها ، وكان هو يشعر بوجودها من حوله ، هو قرر أن يعبر الطوفان الى الجانب الأخر من الطريق أملاً فى أن يجدها .

وبينما يعبر رأته  هى فتشجعت وأتجهت نحوه .

كان البشر يتدافعون ويتزاحمون فى الطريق ومازل هو على أصراره فى العبور عندما رأها فى منتصف الطوفان فسبح باتجاهها .

و التقى هو وهى فى منتصف البشر فتلاقت الأعين ، وتشابكت الأيدى ، وتعانقت القلوب .

كان الصمت سيد الموقف ، ولكن شعورهما فاق معانى الكلام ، وبرغم  الزحام والضوضاء ، وبرغم أعداد البشر من حولهما الا انه لم يكُن يرى سواها وهى لم تكُن تشعر سوى به .

شرائح

        شريحة (1)

أحياناً ، يبدوا الأمر بأكمله خدعة كبيرة ، انت لا ترى ولكنك تمثل أن الصورة أمامك واضحة وكل ماتسمعه مجرد همهمات ولكنك تهز رأسك تتصنع الفهم ، يخيل لك ان هذه هى الحياة ، ولكن للحظات

عندما تنفرد بنفسك يأتيك هذا الشعور ، هناك خطأ ما ، لايجب ان يسير الأمر على هذا النحو

لحظات قليلة يأتيك فيها هذا الشعور ثم تجرفك الأحداث الأفكار والأصدقاء مرة أخرى

فتعود تترنح فى الدوامة دون اتجاه .

الخوف داخل قلبك يهتز ويهز معه كامل عروقك ولكنك تنكر الخوف ، توهم نفسك ان ما يحدث وهم وانت الوهم نفسه ، وتظل تسحب من عمرك خيطاً وراء خيط والخيوط تتشابك تتعقد وتنقطع .

تبحث عن من يخبرك : أنت جيداً وتبتعد ، قدر ما تستطيع عن كل مخالف لك فيما تفعله ، تتوالى أيامك تبعاً وانت تبحث عن مخرج وانت لا تعلم كيف هو شكل المخرج بل لربما انت كنت – فى يوما ما – على حافة المخرج ولكنك لم تره ، اعطيته ظهرك وتعمقت أكثر و أكثر فى المتاهة .

واصبح كل ما يهُمك ان لا تظل وحيداً كثيراً ، فالوحدة ستجعلك تفكر والتفكير سيذكرك بأنك لازلت تخطىء ومخطأ وانت لا تريد الحقيقة ، ترتشف الوهم باستمتاع  وانت تتمنى ، ان لا يفرغ الكوب .

كل ذرة فى جسدك تتناقض مع مثيلتها ، تتعارك وتعترض بل وأحياناً ترفض العمل ، وتختل منظومة جسدك ، تتداعى وانت تبتسم ببلاهة وانت لا تعلم ما الحل .

تختلف الأراء حولك وانت مثلهم لا تستطيع ان تقر أو ترفض فأنت حقيقة لا تعلم من أنت فكيف لهم هم أن يعلمون ، شعورك بأنك مختلف يتلاشى سريعاً وقبل ان تشعر بأنك كباقى البشر وتحاول ان تندس وسطهم تكون مثلهم تشعر بالغرابة .

الواقع والوهم بالنسبة لك واحد فالفيصل بينهم العقل ، وعقلك يمتلك القدرة ليُحيك نسيج الوهم فيصبح واقعاً لك ، الشعور بأنك وعقلك أعداء ودوماً فى صراع ، تارة ينتصر ، يسرق منك أيام بل وفى بعض الأوقات شهوراً لا تعلم ماذا حدث فيها ، وتارة انت تنتصر تسيطر عليه وتبدء فى توجهيه فتفشل وتضطر مرة أخرى ان تتركه …. يسيطر عليك .

تبحث فى أكوام الكتب عن شبيهاً لك عالم كان أو مجنون أو حتى قاتل فلا تجد ، ترى هل أنا فى الحقيقة موجود ، هل انا فرداً محسوب على الوجود ، ام ان الامر برمته تلاعب ، وتظل تفكر تتأمل تبحث عن جواب حتى يكاد عقلك أن يجن وفى النهاية لا يحتمل جسدك النحيل فتتهاوى ، تغلق عينيك وتأمل ، فى غداً أفضل .

                                                    ……………………………………………………………………………….

شريحة (2)

يابنى احنا اتخلقنا عشان نبقى عبرة لباقى الناس

قالها  صديق لى وهو يجرع ما تبقى فى زجاجة البيرة ويطوحها ، تذكرت تلك المقولة وانا فى عزاءه .

كم كانت هذه الجملة صادقة يا صديق ها أنت راحل من الدنيا فى سن الشباب ودون جثة تدفن وحقاً اصبحت عبرة يتعظ منها الأخرون ، موتك مأساوى مثل كثير أخرين موتهم مأساوى ، ليله عيد وسيارة مسرعة بها أنت وفتاتين تبحث عن أثارة ما فى طريق الأسكندرية ، لابد أنك شربت ما يكفى من البيرة والحشيش قبل ان تنطلق فى الطريق ولا بد أيضاً من أنك لم تنم جيداً وكل هذا طبيعى فأنت دوماً على هذه الحالة فما الجديد ، هل هو القدر ، الأن انت ميت جثة محترقة لم يتبقى منها الكثير وباقى أصدقائك هنا فى عزائك أغلبهم مثلك فهل يتعظون ، خرجت امام العزاء اشعل سيجارة و استمعت الى ثرثرة اصدقاء والدك وهم يخرجون

البعض يتحسر على شبابك الضائع والبعض الأخر يدعو لك بالرحمة ، والقليل الذى لم يطيقوا صبراً على الذهاب بعيداً يتكلمون عن انه المصير الطبيعى لكل من أتخذ هذه الطريقة حياة .

سينتهى العزاء وسيظل الشباب يتحدثون عنك فترة منهم من يتذكرك بالخير ومنهم من سيتذكرك كلما كان هناك انطلاقة مثل انطلاقتك

مبلاش يا شباب انتوا نسيتوا ….. الله يرحموه كان برضه بيرة وحشيش ونسوان وشوف ربنا مبينساش

السؤال هنا يا صديقى هل لنا ثواب على هذه الموعظة ، هل سيغفر لنا كوننا كنا عبرة لأخرين ، ادعوا الله ان تكون مرتحاً أياً كان مكانك فأنا أعلم جيداً ، انه سيكون مكانى أنا الأخر …..

                                   …………………………………………………………………………..

شريحة (3)

نجن نعلم جيداً ان ما يحدث خاطىء ولكننا نتجاهل الأمر ، منا من لا يتحدث مطلقاً ولا يعيره أهتمام ومنا من يبحث عن مخدر أو كأس يذهب عقله ويظل يتحدث فى تفاهات ، الكل يعلم انه خطأ ولكنها أصبحت هواية ان نعلم ونوهم انفسنا بأننا لا نعلم .

وعندما يحتل الموت السطور الأولى من الجرائد يعلو الصياح و الأعتراض بالرغم من أننا نحن من دعا الموت فى البداية للمجىء .

فالصمت وقت الكلام جبن والكلام وقت الصمت غباء

وبين جبنك وغبائك يولد الظلم ويظل يرسل نداء وراء نداء للموت

والموت لا يمل من وظيفته أبداً .

الحقيقة أنك انت المذنب من البداية وان كان يجب شنق أحد على ما حدث فلتعلق حبل فى سقف غرفتك وابداء بنفسك ، الموضوع مأساوى دوما كونك تخاف ان تكون أنت الضحية التالية وغبائك يهيىء لك ان كونك تتنفس دليلاً على انك حى .

والحياة ……..

صدقنى انت بعيداً كل البعد عنها ، ما يحدث أنك تتحول تتدريجاً الى زومبى

تقتات على الفضلات وتظل كل يوم تنتظر تلك اللحظة التى تضع فيها رأسك على وسادة لتحلم بشىء افضل مما انت فيه ، وكلما ازددات أحلامك ازداد انفصالك عن الواقع واصبحت مهمشاً لا دور لك فى ما يحدث ، تقبل ما يوجد وترضى بان تظل عبدا لعبيدا يعبدون عبيداً أخرين للمادة ، توهمك عقلانيتك المتخلفة بأن ما تفعله هو أنسب الحلول ، أن تظل معزول لا تشارك فيما يحدث كلا تتأذى برغم أن  بفعلك هذا يتأذى غيرك فى محاولتهم لأسترداد حقك وحقهم المسلوب ، العقل وحده لن يفيدك ، ان قتلت مشاعرك فستصبح ألة بلا روح وان اعتمدت على مشاعرك دون عقلك ستصبح أداة لأفراد أخرين .

ان تتشارك كل شىء مع كل فرد حولك هو الحياة بحق ، ان تتشارك الحزن ، الموت ، فتات الخبز ، وان تصبح موجوداً للأخرين فيصبحون موجودين لأجلك

المعاناة لا يمكنك أن توقفها و لكن ان تشاركتها مع أخرين خف حلمها من على كاهلك ، فى المشاركة مساواة وكوننا متساوين يقوى رابطة أننا بشر .

الأمر لا يحتاج لذكاء فالأمر غريزى بحت ولكنك أنت من تتعالى على كونك حيوان ولكن بعقل ، عقلك قد يكون خطراً عليك ان شعرت يوماً أنك افضل ، من أى شىء أخر موجود على وجه الأرض .

كونك فرد ، حى ، عاقل يحملك المسئولية عن كل ما يحدث من حولك ، وكونك تجعل نفسك جاهلاً بما يحدث يجعلك مذنب اكثر ممن أرتكب الجرم ، فمن ارتكب الجرم مسئولاً منك كما انت مسئولاً منه وربما ان كان هناك من يقف له لكان شخص أخر .

صدقنى الظروف قد تحيل موظف تأمينات الى قاتل متسلسل ، وقد تحيل منحرف الى شيخ .

والظروف يصنعها مجموعة من البشر ، كن أنت من يصنع الظروف ولا تسمح فى يوماً للظروف أن تحول بشر للأسوء .

كان خطأ افلاطون الوحيد فى محاولته لأنشاء مدينة فاضلة هو محاولته لأنشائها على أرض الواقع ، والواقع ان مكان يوتوبيا الحقيقى هو قلوب البشر .

شـــــــارع

نهار خارجى .

شاب فى العشرين من عمره تبدو عليه علامات الأرهاق والفقر يجلس على قهوة بلدى صغيرة يحتسى القليل من كوب الشاى الساخن بينما يقلب فى اوراق الجرنال كما لو كان يبحث عن شىء ، ينهى كوب الشاى فيطوى الجريدة ويخرج من جيبه جنيهان يعطيهم لصبى القهوة ويخرج للشارع المزدحم ، يسير ببطء واحباط بينما يصدم بحذائه البالى قطع الحجارة الصغيرة المتناثرة هنا وهناك على قارعة الطريق ، تلتقط أذنه صوت جلبة كبيرة فيتبع الصوت بعينيه ليرى زحام من المارة فى منتصف الشارع يقوده الفضول اتجاه الزحام ، يتوقف الشاب قليلاً وهو يحاول النظر لداخل الدائرة ليرى على ما هولاء الناس تجمعو وما يراه فى منتصف الدائرة يدفعه لمزاحمة الواقفين ليصبح فى الصفوف الأولى من المشاهدة .

فى وسط الدائرة يقف رجلاُ فى الأربعين من عمره ملامحه منفرة ، يرتدى فانلة حمالات وبنطالا مهترىء ، حافى القدمين ، فى يده اليمنى زجاجة خمراً من النوع الرخيص بينما يقبض على فتاة من شعرها باليد الأخرى .

كان الموقف يدعو للفضول وللمشاهدة وتوقف الشاب يحاول ان يدرك ما يحدث ،كان الرجل يميل بوجهه على الفتاة ويحدثها بصوت خفيض ولكنه كان مسموعاً للواقفين (أين النقود) ، ولكن الفتاة كانت ترتجف ولا ترد تجول بعينيها وسط المشاهدين تبحث عن منقذ .

وضع الرجل زجاجة الخمر من يده وارتفعت اليد الغليظة المشعرة لتلطم الفتاة على وجهها ، الرجل يصيح ويزبد ويتطير الشدق من فمه ، عينيه حمراوتان ، ويده المعروقة المشعرة لازلت ممسكة بشعر الفتاة يطيح بالفتاة يمين ويساراً فتتطاير بجسدها الهش على الأسفلت وهى تصرخ وتستنجد بالواقفين .

أدرك من همهمات المتفرجين أن هذا الرجل هوا والد الفتاه , وانه سكير , و يضرب الفتاه بوحشيه لأنها صرفت أجرها على مراه صغيره بدلاً من تعطى النقود لأبيها ليكمل بها معاقره الخمور، كان الشاب  يتألم من منظر الفتاه وتعجب من هؤلاء المارة الذين يقفون ويشاهدون ولا يحاولون التدخل , ثم فهم أن الأب من الشراسة التي قد تدفعه لقتل من يحاول التدخل بينه وبين الفتاه وان جيران الرجل لم ينسوا قضاء عم (منصور ) شهران في المستشفى بعدما حاول التدخل بين الأب وابنته فى موقف شبيه بما يحدث الأن.

الرجل يصفع الفتاة بقوة فتتهاوى أرضاً ، يبدو على الشاب التأثر من الموقف

الشاب يركز نظره على حركة الرجل ، سرعة تنفسه اللتى تدل على انه مجهد ، زجاجة الخمر الموجودة بجانبه نصفها فقط ممتلىء إذن هو أيضاً سكران لا يعى ماذا يفعل .

وفجأة اختمرت خطته لإنقاذ الفتاه ولم يعيد التفكير كثيراً , بل قام بتنفيذها فوراً .تقدم الفتى صفوف المتفرجين حتى أصبح داخل الدائرة فجذب الفتاه من يد الرجل فأصبحت خلفه وأصبح هو بقامته المديدة عائق بين الرجل والفتاه .كان يعلم انه لن يقدر على ضرب الرجل , ولكنه كان واثقاً من قدرته على تحمل ذلك الأذى ومنعه عنها,تلقى الفتى أول كف فشعر بلهيب على وجهه ودمعت عينه ولكنه لم يتزحزح , شتمه الرجل وسب أمه العاجزة ولعن أبيه المتوفى ولكنه لم يتحرك , أدمى وجهه وذراعيه فوقف صامداً وتلقى كل الألم فلم يصرخ , أحاط الفتى الفتاه بيديه ليحميها من ضربات أبيها الهوجاء , خاف الفتى أن تفلت احد ضربات أبيها وتأتى في الفتاه فحمها ولم يدافع عن نفسه , وبعد ساعة كان الأب أنهكه الضرب وضعف تأثير الخمر على عقله فأصبح يتنفس بصعوبة , فتوقف يسترد أنفاسه والعرق يغمره , ثم تجشأ وتكلم بلسان ملتوي فلم يفهم أحد شيئاً ثم أمسك بزجاجته من على الرصيف وعاد للداخل .هنا فقط تهاوى الفتى فلحقته الفتاه بيديها وأسندت رأسه وهى تجلس على الأسفلت , وتفرق المارة والجيران , وظل الفتى راقداً والفتاه تسند رأسه وبيديها تمس رأسه وبدموعها تشاركه جروحه , نظر لها الفتى وابتسم فابتسمت هي .وعندما أتى الصباح كان هناك اثنين رجل وأمراه يقفان في محل تصوير صغير ,كان الرجل الأسمر رغم جروح وجهه العديدة يبدو عليه السعادة والمرأه تبدو أزهى من الورود داخل فستانا بسيط ذا لون ابيض وفى أيديهما المتشابكتان كان هناك دبلتان..